يُعد قول دعاء الانتهاء من السعي من العبادات المستحبة التي يُمكن للمسلم القيام بها أثناء أداء مناسك الحج أو العمرة، حيث يناجي الله بما يريد في الدنيا والآخرة مع مراعاة آداب الدعاء الأساسية، وبالرغم من الله قد شرع الدعاء للعبد في أي وقت وأي مكان إلا أن الدعاء في هذا المكان لها الفضل الأكبر، فيُقال إن الدعاء في هذه اللحظة مُستجاب، لذا من خلال السطور التالية سنوضح أفضل الأدعية المستحبة.
دعاء الانتهاء من السعي
يشمل مفهوم السعي في الشريعة الإسلامية أن يقوم المسلم بالسير في المسافة التي تفصل بين جبلي الصفا والمروة في مكة المكرمة، ويكرر ذلك سبع مرات متتالية، حيث إنها إحدى أهم الفروض التي يجب على المسلم القيام بها أثناء أداء الحج أو العمرة، وجاء الدليل على ذلك في قوله تعالى: “إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا“ الآية 158 من سورة البقرة.
لذلك لا يصح الحج دون إتمام السعي بين الصفا والمروة، وعندما يدعو المسلم ربه في وقت السعي من الأفضل أن يبدأ الدعاء بذكر الله وتقديسه، وقد نُقل دعاء الانتهاء من السعي بشكل خاص في سنة النبي محمد، في رواية عبد الله بن عمر حينما قال:
“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا قَفَلَ مِن غَزْوٍ أوْ حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ علَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ” صحيح البخاري.
لا تقتصر الأدعية بعد الانتهاء من السعي على الدعاء الموضح سابقًا، حيث يُمكن للمسلم أن يدعو الله بما يرغب فيه من الأدعية في هذه اللحظة، ومن خلال السطور التالية سنذكر بعض الأدعية القصيرة التي يصلح استخدامها في هذا الوقت:
“اللهم تقبل منا وعافنا واعفو عنا، يا رب توفنا وأنت راضِ عنّا، ولا تجعلنا نتكل على غيرك”.
“يا رب إنك أنت القادر على كل شيء أعني على التقرب منك والسير في طريقك الحق، اللهم اهدني وابعد الشر عني”.
“اللهم لا تريني في أحبتي بأسًا، ولا تريهم فيّ بأسًا، اللهم لا تحزن لهم قلبًا ولا تؤلم لهم جسدًا”.
“اللهم ارحمني واجعلني من المتقين الصالحين المقربين إليك، اللهم حببني في طاعتك واصرف عني شر معصيتك”.
“اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفِ عني، اللهم تقبل منّا وارحمنا وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة فأنت أرحم الراحمين”.
“اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وما انتمى إليها من قول وعمل، اللهم اصرفها عني، وقرّب مني متاع الجنة وما انتمى إليها من قول وعمل، اللهم أعنّي على ذكرك وحبك والتقرب منك”.
“لا إله إلا الله وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد وإنك على كل شيء قدير، اللهم إني استودعتك نفسي، يا رب اهديني إلى طريقك الحق وابعدني عن طريق الضلال”.
“يا رحمن يا غفور اغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، اللهم إنك تعلم ما بداخلي وتعلم نيتي في التوبة النصوحة، اللهم تقبل مني واعفو عني”.
“اللهم إني نويت أن أتوب إليك حق التوبة، اغفر لي ما تقدم من ذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”.
أدعية تُقال أثناء السعي
يظل الدعاء من أكثر العبادات المستحبة التي تقرب العبد من ربه عز وجل، والتي يُستحب كثيرًا قولها أثناء السعي أو بعده، لكن لم يتم تحديد دعاء الانتهاء من السعي أو الأدعية التي تُقال أثناء القيام به بشكل خاص، حيث يُمكن للمسلم أن يدعو ويرجو من الله تعالى ما يريده.
لذا ومن خلال السطور التالية سوف نقدم مجموعة من الأدعية المختلفة التي يُمكن للمسلم الاستعانة بها في حال لم يعرف ماذا يقول في هذه اللحظة:
“يا رب ابعدني أنا وأحبتي وجميع المسلمين عن نواهيك وقربنا من أوامرك وأعنّا على فعلها، اللهم إنك أنت الرحمن الرحيم”.
“اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك، وأسألك أن تعزني ولا تذلني، وأن تزيدني من الخير ولا تنقصني، يا رب أنت القادر على كل شيء فاستجب لي”.
“يا رب ارزقنا رحمتك أن وكل من يحاول التقرب إليك، اللهم اهديني واهدي جميع المسلمين”.
“اللهم ابعد عني الضلال وقربني من الهدى، فأنا عندي يقين بأنك قادر على كل شيء”.
“اللهم ابعد عني الهم والحزن وكل ما يؤلم قلبي، إني متعب ولقد استودعتك نفسي يا الله”.
“اللهم إنك تعطي من تشاء وتحرم من تشاء، اللهم إني أسألك أن ترزقني وتفتح لي طرق الرزق الواسعة، ولا تجعل حوائجي عند أحد غيرك”.
“يا رب اغننا عن معروف من أحد غيرك، واغفر لنا وارحمنا فإننا الضعفاء من عبادك”.
“يا رحمن يا رحيم أسألك أن تتجاوز عن سيئاتي فأنا نويت التوبة النصوحة التي لا رجعة للذنب مرة أخرى من بعدها، اللهم أعنّي على تنفيذ ذلك دون البعد عن طريق الحق”.
“الله لك الحمد ولك الشكر وإنك على كل شيء قدير أبعدني عن فتنة النار وعذابها، وفتنة القبر وعذابه، اللهم اكفني شر نفسي وشر الفتن من حولي”.
“يا من تقول للأمر كن فيكون أسألك أن تغفر لي ذنوبي وتعتق رقبتي من النار وأن ترزقني حُسن الخاتمة”.
“يا رب تقبّل منا وارحمنا واعفو عنّا، اللهم تقبل كافة عباداتنا ومحاولاتنا في طاعتك والبعد عن نواهيك”.
فضل الدعاء عند الانتهاء من السعي
لا شك أن دعاء الانتهاء من السعي يحمل الكثير من الفضائل التي تعود بالنفع على العبد في نهاية الأمر كما في كل مرة يدعو الله بها، فإذا كان عبادة الدعاء مستحبة في كل وقت وأي مكان فكيف إذا دعا المسلم وهو عند بيت الله الحرام؟ خاصةً أنه يُشير إلى إتمام المسلم أحد أركان الإسلام المهمة وأداء ما فرضته الشريعة الإسلامية، وهو الحج أو العمرة، والله أعلم.
لكن جدير بالذكر أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي نص سني مبارك يوضح فضل قول دعاء الانتهاء من السعي بشكل خاص، حيث جاءت أقوال النبي بتوضيح فضل الدعاء بشكل عام، وهو أن المسلم ينال أجر عظيم قد يتمثل في مسامحة الله له وإحاطته بالمغفرة حتى يتخلص من ذنوبه في الحياة الدنيا، وذلك إذا كان الداعي صادق النية متيقن من رحمة الله وقدرته على تبديل الحال من شكل إلى آخر.
آداب الدعاء
حتى يتمكن المسلم من قول دعاء الانتهاء من السعي أو غير ذلك من الأدعية المختلفة في الأماكن والأوقات المختلفة عليه أن يعلم أن هناك بعض التعليمات التي يجب عليه تطبيقها قبل أن يبدأ في الدعاء وأثناء ما يقوله، حتى لا يقوم بالدعاء دون العلم بأنه لن يُستجاب لسبب ما هو لا يعلمه لكنه سبب وجيه لعدم استجابة الدعاء، حيث تتمثل بعض آداب الدعاء بشكل أساسي فيما يلي:
1- حُسن الظن واليقين بالله
لا يجب أن يدعو المسلم ربه وهو لا يعلم ما إذا كان سيستجيب أم لا، بل يجب عليه أن يكون متيقنًا من قدرته على الاستجابة في لحظة واحدة، لكنه يدبر الخير لعباده جميعًا، وإن لم يستجيب الدعوة في الدنيا سيعوضنا بخيرها في الآخرة.
2- عدم الاعتداء بالدعاء
يحب الله من يدعوه في الخفاء كثيرًا، وقد جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى: “أدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” الآية 55 من سورة الأعراف، وكذلك جاء دليل على ذلك في السُنة النبوية الشريفة في رواية سعد بن أبي وقاص:
“سمعَني أبي وأَنا أقولُ اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ ونعيمَها وبَهْجتَها وَكَذا وَكَذا وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وسلاسلِها وأغلالِها وَكَذا وَكَذا فقالَ يا بُنَيَّ إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ سيَكونُ قومٌ يعتدونَ في الدُّعاءِ فإيَّاكَ أن تَكونَ منهُم إنَّكَ إن أُعطيتَ الجنَّةَ أُعطيتَها وما فيها منَ الخيرِ وإن أُعِذتَ منَ النَّارِ أُعِذتَ منها وما فيها منَ الشَّرِّ“ صحيح أبي داود.
3- الابتعاد عن المعاصي والمال الحرام
حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يدعو المسلم وهو ماله من حرام، وملبسه من حرام، ومأكله من حرام، حيث إن الله لا يقبل الدعاء إلا من المتقين الصالحين، وجاء الدليل على ذلك في رواية أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي حينما قال:
“يا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بِه المرسلينَ فقالَ يَا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقالَ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قالَ وذَكرَ الرَّجلَ يُطيلُ السَّفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يدَه إلى السَّماءِ يا ربِّ يا ربِّ ومطعمُه حرامٌ ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ وغذِّيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلِك“ صحيح الترمذي.
يستطيع العبد ذكر الله ومناجاته في أي وقت وأي مكان، لكن هناك بعض الأوقات والأماكن المقدسة التي يكون الدعاء فيها مُستحب بشكل أكبر، مثل وقت السعي بين الصفا والمروة.