الصلاة التي ليس لها سنة راتبة يجب معرفتها من قبل المسلمين.. فسنن الصلوات تعد من النوافل التي يتقرب بها العبد إلى المولى عز وجل، فيعد الالتزام بذلك اقتداء برسول الله وبالسلف الصالح، لذا على العبد معرفة السنن وأوقات صلاتها لما فيها من فضل كبير في جبر ما ينقص من صلاة الفرض.
الصلاة التي ليس لها سنة راتبة
تعتبر السنن من الأعمال التي تقرب العبد إلى الله عز وجل، حيث يحتاج العبد إلى تلك الصلاة لما لها من أفضل كثيرة.. فأول ما يُسأل عنه العبد هي الصلاة إن كان ناقصة يكملها الله عز وجل من صلاة السنن، لذا يحرص العباد على أدائها لما وارد حدوثه من تقصير في أداء الصلوات الخمس.
لكن تختلف السنة الراتبة الخاصة بكل صلاة وفي ذلك حكمة من المولى عز وجل، فلكل صلاة عدد من الركعات يمكن صلاته قبل أو بعد الصلاة إلا صلاة العصر، فهي الصلاة التي ليس لها سنة راتبة، فصلاة العصر ترجع أهميتها إلى أنها من الصلوات الخمس المفروضة بالإضافة إلى أنها الصلاة الوسطي وأكد المولى عز وجل على الحفاظ عليها في قوله تعالى:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
بينما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تأخير صلاة العصر حيث يشير العلماء أن ذلك هو سبب عدم وجود سنن لصلاة العصر، فروى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألَا أُخبِرُكم بصَلاةِ المُنافقِ، يَرقُبُ الشَّمسَ حتى إذا اصفَرَّتْ فكانتْ بيْنَ قَرنَيِ الشَّيطانِ، قام فنَقَرَ أربعًا لا يَذكُرُ اللهَ عزَّ وجلَّ فيها إلَّا قَليلًا).
فضل صلاة العصر
كما تمت الإشارة أعلاه أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى التي أكد المولى عز وجل على المحافظة على أدائها في آية من سورة البقرة، وذلك تشريفًا لها وتفضيلها عن غيرها الصلوات.. كما أكد نبي الله تعالى على فضلها في غزوة الخندق عندما قال: (مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وهي صَلَاةُ العَصْرِ).
كما ذكر صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح أن: (مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ)
وقام العلماء بتفسير البردين إلى صلاة العصر والصبح، بالإضافة إلى ما ورد عنه من تحذير لمن يتركها فقال: (مَن تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)
وكل تلك الإشارات لأن صلاة العصر هي وقت انشغال الناس وأوقات أسواقهم وتجارتهم.
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذِه الصَّلَاةَ عُرِضَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فمَن حَافَظَ عَلَيْهَا كانَ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدُ: النَّجْمُ
كما أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن صلاة العصر تقي من النار بقوله: (لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ…).
إضافةً إلى أن فضل صلاة العصر العظيم بالرغم من أنها الصلاة التي ليس لها سنة راتبة، أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة يتعبدون إلى الله عز وجل في ذلك الوقت حيث قال:
(المَلَائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ، ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ، وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ إلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ، فيَقولُ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي، فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ).
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يحافظ على صلاة العصر يأخذ أجرين.. الأجر الأول لأدائها كباقي الصلوات والثاني للمحافظة عليها ونبه على عظمة المداومة عليها في قوله صلى الله عليه وسلم:
(إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} [ق: 39]).
بالإضافة إلى ترهيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من تارك صلاة العصر وقال (الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ، كَأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومَالَهُ)، وذلك لكي يحرص العبد على الحفاظ على أداء تلك الصلاة وأن يخاف من ضياعها.
سنن الصلوات الخمس
حين معرفة أن الصلاة التي ليس لها سنة راتبة هي صلاة العصر يمكن الإشارة إلى عدد ركعات السنة الخاصة بكل فرض حيث يتأكد العبد من ذلك ليتقرب إلى المولى عز وجل بأدائهم، ويمكن بيانهم في الآتي:
السنن المؤكدة
تعد هي السنن التي حاول الرسول في الحفاظ عليها بشكل دائم ولا يتركها إلى لعذر شديد وهي تتضمن الآتي:
- سنة الفجر: قالت السيدة عائشة رضي الله عنها (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَمْ يَكُنْ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً منه علَى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ)، بالتالي يمكن أداء ركعتين بعد صلاة الفجر.
- سنة الظهر: يمكن صلاة أربعة ركعات قبل الفرض وركعتان بعده، حيث يمكن صلاة الأربع ركعات القبلية ركعتين ثم ركعتين آخرين.
- سنة المغرب: روى رافع بن خدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أتانا رسول الله صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ في بني عبدِ الأشْهلِ، فصلَّى بنا المغربَ في مسجدنا، ثمَّ قالَ: ارْكعوا هاتينِ الرَّكعتينِ في بيوتِكم).
- سنة العشاء: يجب صلاة ركعتين بعد أداء ركعات العشاء.
السنن غير المؤكدة
هي التي كان يصليها صلى الله عليه وسلم مرات ومرات أخرى لا يصليها وهي ركعتان أو أربعة قبل صلاة العصر، لكن تبقى صلاة العصر الصلاة التي ليس لها سنة راتبة لذلك كان صلى الله عليه لا يلتزم بها بشكل دائم حتى لا يتبعه الأمة الإسلامية ويعتبرونها فرض.
فضل صلاة السنن
أول ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يصلي السنن يحصل على أجر عظيم ويكون له بيت في الجنة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من ثابرَ على ثنتي عشرةَ رَكعةً منَ السُّنَّةِ بنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ أربعِ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ ورَكعتينِ بعدَها ورَكعتينِ بعدَ المغربِ ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ).
كما يكون فضل الالتزام بتلك الصلوات التقرب إلى المولى عز وجل والفضل الكبير في مضاعفة الأجر والثواب، بالإضافة أن تلك الصلوات تزيد من فرصة مخاطبة العبد إلى ربه في السجود.. كما يؤكد العلماء أنها سبب في التهيؤ للعبادة والدخول في حالة الخشوع التي تناسب الصلاة، فالنفوس تكون مشغولة بأحوال الدنيا وذلك ما يزيد من قدرة العبد على الخشوع في صلاته.
فالسجود ما يجعل العبد مرافق لنبي الله صلى الله عليه وسلم في الجنة وذلك ما قاله للصحابي ربيعة بن كعب عندما طلب منه أن يجاوره في الجنة حيث ورد عنه :
(كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ فَقالَ لِي: سَلْ فَقُلتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ. قالَ: أوْ غيرَ ذلكَ قُلتُ: هو ذَاكَ. قالَ: فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ).
توجد الكثير من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى المولى عز وجل، لكن أهم ما عليه فعله إخلاص نيتها لله لكي يحقق شرط القبول بإذن الله تعالى.