من صفات الله الواردة في حديث اشج عبد القيس

من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس ما لا يعرفه الناس، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: “إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة“، وهو الحديث الذي دفع الكثير من الأشخاص إلى البحث وراء صفات الله عز وجل، ونظرًا لأنه من الواجب على أي مسلم معرفة تلك الصفات والإيمان بها سوف نقوم بتوضيح صفات الله الواردة في هذا الحديث، وغيرها من الصفات الأخرى.

من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس

لا يعرف عدد كبير من الناس ما هي صفات الله الواردة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع أشج عبد القيس، هل هي المحبة، أم الحلم، أم الأناة؟ وذلك نظرًا لقول النبي لأشج عبد القيس “إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة”.

حيث يختلط عليهم الأمر وقد لا يفهمون المقصود من الحديث، فإذا جاء سؤال من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس: المحبة، الغضب، الصبر؟ تكون الإجابة هي الخيار الأول، وهو ما وضح في القول “يحبهما الله” أما الصفتين الآخرتين فالمقصود من ذكرهما عرض صفات العبد الذي يحبه الله، وهي الحلم والأناة.

يُمكن الاستدلال على ذلك من خلال جملة “بسم الله الرحمن الرحيم” التي يتم البدء بها في كل سورة من سور القرآن الكريم، والتي تُشير إلى أن الله رحمن رحيم بعباده يحبهم ويحنو عليهم، على عكس ما يعتقد البعض بشأن غضب الله من عبده الذي يعصيه وبالتالي معاقبته، حيث تعتبر صفتان “الرحمن الرحيم” من أسمى صفات الله الحُسنى.

تشتق لفظتين “الرحمن-الرحيم” من لفظ “رحم” والمقصود هو رحم الأم، وذلك للدلالة على أن الله يحب عباده أيضًا، حيث لا يوجد أم تكره ولدها، بل إن هناك العديد من الدلالات الدينية التي تؤيد أن الله يحب عبده ويحنو عليه ويكون ذو رحمة به أكثر من أمه.

صفة محبة الله لعباده

من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس صفة المحبة، وقد أتى القرآن الكريم بالعديد من الدلائل التي تُشير إلى أن هناك مستويين من محبة الله لعباده، الأول هو حب الرحمة بهم، والثاني هو الحب المحوي، ومن خلال السطور التالية سنعرف كل منهما بشكل أوضح:

1- المستوى الأول من محبة الله للعباد

تعتبر الرحمة من أجل وأعظم صفات الله تعالى، حيث إن رحمته تحيط بنا في كل وقت، فهو يرحم حتى الذين ألحدوا به وعصوه، فكثيرًا ما يقوم المرء بارتكاب الذنوب وعلى الرغم من ذلك لا يعاقبه الله، بل يمنحه فرصة للتوبة والمغفرة ويلهمه الاستغفار والرجوع عما يفعل.

كما أنه لا يمنع عنه الرزق والهواء والغذاء والعافية والمعيشة حتى ولو لم يستحقها بسبب ذنوبه، لذلك نجد أن المحبة هي أبرز صفة من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس.

لا شك أن الله قادر على الخسف بكل الذين عصوه وارتكبوا ذنوبًا في حقه في أقل من ثانية، والإتيان بغيرهم ممن يحبوه ويعبدوه حق عبادته، لكنه لا يُحدث ذلك، بل يبدأ كل سورة من سور كتابه الكريم بلفظ “بسم الله الرحمن الرحيم” ليُذكر عباده بأنه رحمن ورحيم دائمًا.

مما يترك تأثيرًا كبيرًا لديهم، نظرًا لرغبة الله في إخبارهم بأنه رحيم يحبهم ويسامحهم ويغفر لهم فضلًا عن الذنوب التي يقومون بها، ما داموا يرجعون إليه ويستغفرونه وينوون التوبة الصادقة، لذا فإن في ذلك ما يُسمى بالمستوى الأول من صفة المحبة وهو مفهوم الرحمة.

2- المستوى الثاني من محبة الله للعباد

في ظل تناول الحديث عن المحبة التي هي من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس نستكمل التوضيح للمستوى الثاني منها وهو الحب، وهو المستوى الذي يختص بمن يعبد الله حق عبادته ويطيع أوامره، أي تعتبر طاعة الله شرط للوصول إلى هذا المستوى من محبته.

بعد أن يطيع العبد ربه ويتقرب إليه ويحبه وبالتالي يبتعد عن النواهي وينفذ الأوامر سيحبه الله ويغفر له ذنوبه، مما يُشير إلى أن الله لا يكره أحد من عباده، ولا يُمكن الاستدلال على ذلك من خلال كلام الله في كتابه الكريم، بينما ذُكرت بعض المواضع التي تُشير إلى أن الله لا يحب بعض الفئات المحددة من عباده، مثل الكذابين والظالمين ومن شابههم.

صفات الله عز وجل والدلائل عليها

بعد العلم بأن المحبة هي واحدة من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس، لا يُمكننا تجاهل حقيقة أن الله وحده من يتصف بالكمال، ولا يشابهه أحد في ذاته أو صفاته التي لا يُمكن أن تُعد، ولا يُمكن أن يتصف بنقيض الصفات التي جاءت عنه في كتابه الكريم، لذا من خلال السطور التالية سوف نتعرف على بعض صفات الله الواردة في القرآن مع الاستدلال بالآيات القرآنية التي تُشير إلى تلك الصفات:

1- العلم بالغيب

لا يحدث شيء في هذا الكون إلا ويعلمه الله عز وجل، فهو الواحد العالم بما يظهر العبد وما يخفي في نفسه، حيث يتجاوز علم الله عقول البشر، وقد جاءت أبرز الدلائل على ذلك في قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا” الآية 12 من سورة الطلاق، والكثير من الآيات القرآنية الأخرى.

2- القدرة الفائقة

يقدر الله على كل شيء، ويتحكم في هذا الكون بأكمله بعد أن خلقه ووجده من العدم، لذلك لا يُمكن أن يحصر أحد قدرة الله سبحانه وتعالى، أو يعرف مصدر وجودها وحدودها، وقد جاء الكثير من الأدلة التي تؤيد ذلك، من أبرزها قوله تعالى:

وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” الآية 189 من سورة آل عمران.

3- البصر بأدق الأمور

يستطيع الله أن يرى كل ما يحدث من أمور سواء كانت ظاهرة أو مخفية، كبيرة أو دقيقة، لذا مهما حاول الإنسان أن يقوم بشيء ما في الخفاء بعيدًا عن كافة الناس يظل الله مُبصره، وقد جاء الدليل على ذلك في العديد من مواضع القرآن الكريم، مثل قوله تعالى:

“إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” الآية 28 من سورة لقمان.

4- غنى النفس

يعتقد الكثير من الناس أن الله يأمر بأن يطيعه عباده رغبةً في الحصول على منفعة ما، لكن الحقيقة هي أن العبد هو من يحتاج إلى طاعة الله وعبادته بحق، فالله لن يستفيد شيئَا أبدًا، وليس بحاجة لأحد من خلقه تمامًا، وجاءت الإشارة إلى ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ* إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ” الآية 15 من سورة فاطر.

5- عدم وجود نهاية للوجود

يُعد كل من الموت والبعث والحياة من الأمور التي يعيشها مخلوقات الله، أما هو فلا نهاية لوجوده، ولا يُمكن أن يلحقه أحد، هو رب العرش العظيم الذي نزل كل شيء على الأرض وخلق عليها كافة المخلوقات، وهو أمر مؤكد يُمكن إثباته من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

“كانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ، أَنْ يَضْطَجِعَ علَى شِقِّهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ يقولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ” صحيح مسلم.

6- سمع الظاهر والباطن من الحديث

لا يُمكن أن يخفى على الله أي حديث، فهو يسمعه في أي مكان وأي مكان سواء كان ظاهرًا بين الناس أو مخفيًا عنه، وقد أكدت الأدلة من الآيات القرآنية المتعددة التي تثبت تلك الصفة على الله عز وجل أنه لا يُمكن وجودها في أي أحد غير الله، ومن أبرز تلك الأدلة قوله تعالى:

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” الآية 11 من سورة الشورى.

7- الوحدانية وعدم وجود شريك له

يوجد العديد من صفات الله المقدسة غير ما ذُكر من صفات الله الواردة في حديث أشج عبد القيس، كأن يُنزه الله عن أن يتم الإشراك به أو عبادة إله آخر معه، ويُنزه أيضًا عن أن يُشبه بأحد غير ذاته، فهو الواحد الأحد الذي لا يتصف بالكمال إلا هو، ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال قوله تعالى:

قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَد” الآية 1 من سورة الإخلاص.

8- الإرادة الفائقة

لا يوجد حدث يحدث في هذا الكون الذي خلقه الله إلا بأمر منه، فإن لم يريد الله حدوث ذلك يستحيل أن يحدث مهما كانت المسببات والمبررات وسعى العبد لإحداثه، لذا يجب على المسلم أن يسلم أمره لله تمامًا في كافة شئون حياته، حيث جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى:

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” الآية 82 من سورة يس.

9- مخالفته للحوادث

يستحيل أن يتشابه الله في ذاته أو صفاته أو أفعاله مع أي أحد آخر، حيث هو الخالق الواحد للكون بكل ما فيه من مخلوقات، فكيف يُمكن أن يكون له شبيه وهو الذي خلق كل شيء وكل شخص؟ وذلك موجود في قوله تعالى: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ” الآية 4 من سورة الإخلاص.

 يوجد العديد من صفات الله التي لا تُعد ولا تُحصى، والتي لا تتواجد في البشر، لذا يجب على كل مسلم الإيمان بتلك الصفات وتقديس الله عز وجل.

Scroll to Top